الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الرأي الحر: مشروعان أمام التونسيّات والتونسيّين

نشر في  17 سبتمبر 2014  (10:30)

 بقلم: محمد المنصف بن مراد

كنّا نعتقد انّ الانتخابات الفارطة ستسمح ببروز رئيس محايد وغيور على قيم الجمهورية والدّفاع الشرس عن  الحداثة، رئيس يعبّر عن ارادة كل التونسيين، لكن صدمنا بغير ذلك اذ تفشى العنف والارهاب والتدخّلات الأجنبيّة، وها هو الرئيس المؤقت يفكّر في البقاء على كرسي قرطاج مهما اقتضى ذلك من تحالفات.. كما كنا ننتظر مجلسا تأسيسيّا لا تهمّه  سوى مصلحة تونس فكان أن شاهدنا مهازل ما أنزل الله بها من سلطان من «النواب» وسمعنا دعوات لسحل من يشكّك في شرعية المجلس، وكذلك الى كلام غريب يدعو الى التكفير وقطع الأيدي وحتى الصلب.. لقد كانت الأغلبية في المجلس تسعى إلى إقامة جمهورية دينية خفيفة   Light ستسمح في المستقبل بقيام دولة القهر والتشدّد الدّيني،  ولقد حالفتها في هذا التوجه أحزاب المؤتمر والتكتّل وبعض الأحزاب الغريبة التي دعت الى مقاومة المعارضة والانتقام من المعارضين..

وكانت أحزاب الترويكا استخدمت في حملتها الانتخابيّة الفارطة كلاما معسولا وقدمت رؤى ووعودا في التشغيل والاستقرار والعدل ومكافحة العنف، لكن الحقيقة كانت عكس ذلك تماما، حيث تفشّى العنف والارهاب وتراكمت والأوساخ واشتعلت الأسعار وبدأت الدولة التنوسيّة في الانهيار، حتى بتنا أمام مشروع ديني لا علاقة له بأهداف الثورة ولا بالنّهوض الاقتصادي والثقافي ولا بالاقلاع المعرفي ولا بتنمية حقوق المرأة، وأصبحت تونس المسكينة رهينة وفريسة وغنيمة وأرضا للدعوة والارهاب!
وبمناسبة الانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة المقبلة، غاب الخطاب الدّيني عند النهضة ونظيره الانتقامي حزب المرزوقي وكأنّهما حزبان يدافعان عن مكاسب ومشاريع وأحلام الثورة، فهل فقد الشعب ذاكرته حتى ينسي قرارات هذين الحزبين وحلفائهما؟! انّ «انجازات» الترويكا خلال السّنوات الثلاث الماضية كانت الاخفاق الأمني والاخفاق الاقتصادي والاخفاق الثقافي والتفرقة بين التونسيين «المسلمين» والتونسيين «الكفّار»! فأحزاب الترويكا والأحزاب الموالية  لها بأقنعة دينيّة أو حضارية ستدفع البلاد نحو المجهول إذا منحها الناخبون الأغلبية في المجلس التأسيسي وتمّ انتخاب رئيس جمهورية توافقي، اي رئيس يخضع لحزب النهضة ومصالحه ولا يتصدّى له اذا اقتضى الأمر ذلك مثلما فعل المنصف المرزوقي..

ومن جهة أخرى هناك أحزاب ديمقراطية على غرار نداء تونس والمسار والجبهة الشعبية والاتحاد من أجل تونس والتحالف الديمقراطي والحزب الجمهوري وحزب آفاق التي تدعو جميعها الى جمهورية الحداثة والحريات، هذه الأحزاب كان أحرى بها أن تتكتّل في جبهة انتخابية للفوز في الانتخابات المقبلة سواء كانت تشريعيّة أو رئاسيّة، لكن الأخطاء التقديريّة والحسابات الضيّقة لهذه الأحزاب قد تؤدّي الى كارثة سياسية، اضافة الى بروز قائمات مستقلّة ستضعف ـ دون شكّ ـ الأحزاب الديمقراطية وان نجح بعض عناصر منها!
أمّا الأحزاب الدستوريّة والتجمّعية فستبعثر الأوراق لأنّها لم تكن الىيومنا هذا واضحة مع أهداف الثورة وتطلّعاتها ولم تعتذر بصفة صريحة للشعب التونسي، مع التذكير بأنّ تيار المحبّة للهاشمي الحامدي سيكون حليف النهضة بمواقفة الدّاعمة لتطبيق الشريعة!
ومهما يكن من أمر فالمطلوب من النّاخبين  الحداثيين ان يصوّتوا لفائدة الأحزاب الديمقراطية وذلك مهما كانت احترازاتهم عليها وحتى إن كانوا يخشون ان تتحالف بعض هذه الأحزاب مع الأحزاب المتشددة طمعا في منصب الرئاسة او في وزارة أو سفارة!
والثابت انّ المشهد واضح أمام الناخب، فمن هنا الأحزاب الدينية  المتشدّدة وحلفاؤها، وفي المقابل هناك أحزاب ديمقراطية بنقائصها، فإذا أردنا انقاذ تونس وانهاء ضعف الدولة وخدمتها للأحزاب عوض الوطن، فمن واجب الناخبين التصويت لفائدة أحزاب الحداثة لأنّ عودة الترويكا تعني كارثة أخرى للبلاد والعباد!